recent
أخبار ساخنة

ضريح أبي أيوب الأنصاري في إسطنبول ومكانته الدينية والاجتماعية

 ضريح أبي أيوب الأنصاري في إسطنبول ومكانته الدينية والاجتماعية

يشكل جامع الصحابي أبي أيوب الأنصاري، أو السلطان أيوب،بقعة ساحرة وقطعة من أجواء وطقوس الماضي التي تحتفظ بعبق التاريخ والأجواء القديمة التي تجذب إليه ملايين الناس و خاصة في رمضان.

يجتمع الآلاف يومياً، من الأتراك والعرب والمسلمين، في باحات جامع أبي أيوب الأنصاري الذي يقترن ذكره بذكر المحاولات الأولى لفتح القسطنطينية، حيث مات على أسوارها، وشيد مسجده في هذه البقعة بقلب إسطنبول التاريخية.

جامع أبي أيوب الأنصاري

جامع أيوب سلطان في إسطنبول


يقوم جامع أبي أيوب الأنصاري باستقبال المصلين والزائرين الذين يواصلون زيارة الضريح طوال أيام الشهر الفضيل؛ وكثير منهم يأتي من المدن والقرى البعيدة عن إسطنبول، ويتحمل مشقة ساعات السفر الطويلة للصلاة في هذا المسجد، وزيارة ضريح الصحابي الجليل أبي أيوب الأنصاري.

مكانة جامع أبي أيوب الأنصاري لدى الأتراك

الأتراك عمومًا -ما عدا الإسلاميين والمتديّنين منهم بطبيعة الحال- ليسوا من هواة ارتياد الجوامع والمساجد المنتشرة بكثافة في كافة أنحاء الدولة، خاصة المنتمين إلى الفكر العلماني أيديولوجيًّا، المتمسكين بالنمط الأوروبي في تفاصيل الحياة اليومية، الذين ينأون بأنفسهم دومًا عن كل ما له علاقة من قريب أو بعيد بالإسلام أو أي مظهر من مظاهره العقائدية.

لكن جامع أبي أيوب الأنصاري أو كما يطلق عليه الأتراك جامع “أيوب سلطان” يعد أحد الاستثناءات النادرة لديهم من هذا الأمر، حيث يحرص الجميع إسلاميين وعلمانيين على زيارته والجلوس في رحابه ساعات طويلة دون كلل أو ملل؛ نظرًا لما يتمتع به المكان من روحانية وشفافية، وما يتميز به محيطه من حيوية ونشاط يجذب الزائرين.
اقرأ عن جامع أيوب سلطان من خلال هذا المقال:

من هو أبو أيوب الأنصاري؟

تذكر المراجع التاريخية أنَّ أبا أيوب الأنصاري، واسمه خالد بن زيد بن كليب النجار من الخزرج، هو أحد الصحابة المقربين من الرسول صلى الله عليه وسلم، إذ خصه عليه الصلاة والسلام بالنزول في بيته حينما قدم إلى المدينة المنورة (يثرب آنذاك) مهاجرًا من مكة، حيث أقام عنده مدة 7 أشهر حتى تم الانتهاء من بناء حجرة لإقامته بجانب المسجد فانتقل إليها، كما شهد أبو أيوب الأنصاري بيعة “العقبة” وغزوتي “بدر” و”أحد” مع النبي عليه الصلاة والسلام، الذي آخى بينه وبين الصحابي مصعب بن عمير.

اكتسب أبو أيوب الأنصاري شهرة واسعة وذاع صيته على نطاق واسع من الأرض؛ وذلك عندما استضاف الرسول -صلى الله عليه وسلم- في بيته أول ما قدم إلى المدينة المنورة، ويُطلق على أبي أيوب الأنصاري عند الأتراك لقب "مهماندار رسول"، والتي تعني باللغة التركية مضيف رسول الله، حيث أقام الرسول -صلى الله عليه وسلم- في منزله بعد هجرته إلى المدينة كما ذكرنا سابقًا. 

صفات أبي أيوب الأنصاري 

يمتلك الصحابي الجليل أبو أيوب الأنصاري العديد من الصفات والأخلاق الحسنة التي يجب على كل مسلم أن يتحلَّى بها، ومنها:
  1.  الصدق والزهد في الحياة
  2.  التواضع لله ومحبة الناس 
  3. التسامح وتقديم العون للمحتاجين 
  4. احترام من هم أكبر منه سنًّا
  5.  سموُّ الأخلاق وعدم التكبر، فكان كل من يعرفه يحبه.
  6.  الإيثار وتقديم الآخرين على نفسه، فكان يقضي حوائج الناس ويساعدهم ويؤثرهم على نفسه. 
  7. تكريس حياته لدعوة الإسلام والجهاد في سبيل الله تعالى حبًّا لله ولرسول الله.

سبب دفن أبي أيوب الأنصاري داخل أسوار إسطنبول

يعود سبب وجود ضريح أبي أيوب الأنصاري في إسطنبول إلى أنه كان أحد الصحابة المنضمين إلى جيش المسلمين الذي تم إعداده لفتح مدينة القسطنطينية عاصمة الدولة البيزنطية في القرن السابع الميلادي، وله من العمر آنذاك أكثر من 95 عامًا، ورغم كِبر سنه فإنَّه أصرّ على الانضمام إلى الجيش متحمِّلًا عناء السفر مسافات طويلة، وصعوبة القتال رغبة منه في أن يكون أحد المشاركين في فتح القسطنطينية التي قال فيها الرسول صلى الله عليه وسلم: “لتُفتَحنّ القسطنطينية، فَلَنِعم الأمير أميرها، ولَنِعم الجيش ذلك الجيش”.

وكان يصحبه في هذه الحملة من الصحابة عبد الله بن عباس، وعبد الله بن الزبير، وعبد الله بن عمر رضوان الله عليهم أجمعين، إلَّا أن حصار المدينة طال ولم تسقط في أيدي المسلمين. وعندما شعر أبو أيوب الأنصاري بدنوّ أجله أوصى بدفنه في أبعد أرض ممكنة داخل أسوار المدينة، ورغم عدم سقوط القسطنطينية في أيدي المسلمين آنذاك مع أنهم أنهم حاصروها مدة طويلة، فإنَّ رغبة أبي أيوب الأنصاري في أن يُدفن داخلها حظيت بموافقة البيزنطيين وقادتهم العسكريين الذين لبّوا للرجل رغبته، وسمحوا بدفنه في نفس المنطقة التي أُقيم له فيها بعد ذلك ضريح كبير، وبُنِي بها أول مسجد للمسلمين في إسطنبول، وأُطلِق اسم “أبي أيوب” على المنطقة بأكملها.

بحث محمد الفاتح عن قبر أبي أيوب الأنصاري

بعد مرور حوالي 785 عامًا على وفاة أبي أيوب الأنصاري، وبالتحديد في صيف عام 1453م، نجح السلطان محمد الثاني الذي اشتهر باسم محمد الفاتح في تحقيق حلم فتح القسطنطينة، وقام بتغيير اسمها إلى إسلام بول أي مدينة الإسلام، وهو الاسم الذي تغير لفظه على ألسنة العامة، وتم تحريفه ليتحول اسم المدينة لاحقًا إلى مدينة إسطنبول.

وفور دخوله إلى المدينة أمر السلطان الفاتح بالبحث عن قبر أبي أيوب الأنصاري، وقيل إنَّ معلمه _الفاتح الروحي للمدينة_ شيخ الإسلام آق شمس الدين كان يخبر جنوده خلال المعارك التي سبقت فتح المدينة بأنه رأى أبا أيوب الأنصاري في منامه، وأخبره بمكان قبره عند أسوار المدينة، وكان بذلك يلهب حماس جنوده للتقدم والقتال والسعي لاقتحام المدينة، وإيجاد قبر هذا الصحابي الجليل الذي أصرّ على المشاركة في فتح المدينة وهو شيخ طاعن في السن، لينال شرف المشاركة في تحقيق نبوءة الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام.
اقرأ عن منطقة أيوب سلطان من خلال هذا المقال:

ضريح أبي أيوب الأنصاري 

فور إيجاد قبر الصحابي أبي أيوب الأنصاري أمر السلطان محمد الفاتح ببناء ضريح عليه، وتشييد مسجد بجواره يحمل اسم “أبي أيوب الأنصاري”، ليتم بعد ذلك إلحاق أقسام متعددة بالمكان
  •  فيصبح مجمعًا دينيًّا وتعليميًّا متكامل الأركان
  •  وبجانبه مطعم لإطعام الفقراء والزائرين
  •  وحمام على نسق الحمامات التركية الشهيرة لخدمة زائري الضريح وعابري السبيل.

ومن هنا بدأت مرحلة جديدة في تاريخ الجامع مع العثمانيين الذين قدروا الرجل حقَّ قدره وأظهروا له الاحترام الذي يستحقه، لكونه الصحابي الوحيد الذي وافته المنية على أسوار هذه المدينة التي أراد دخولها فاتحًا على قدميه، فدخلها جثمانًا محمولًا على الأكتاف.

وقد صارت منطقة أبي أيوب الأنصاري محط أنظار السلاطين والطبقة الحاكمة في الدولة العثمانية، ونالت اهتمام الجميع، حتى تحولت شيئًا فشيئًا إلى مزار ديني يقصده المسلمون من جميع أنحاء السلطنة، إذ يعتبر الجميع أن المكان مبارك، حتى درج السلاطين العثمانيون على إقامة حفل ديني ورسمي ضخم في مسجد أبي أيوب الأنصاري يوم تربعهم على عرش السلطنة، حيث كان يتقلد السلطان سيفًا يرمز إلى السلطة التي تولّاها.

قصة ضريح أبي أيوب الأنصاري والشجرة المباركة 

ضريح أبي أيوب الأنصاري في إسطنبول والشجرة المباركة


تتوسط الفناء الداخلي لمسجد أبي أيوب الأنصاري ساحة مستطيلة محاطة بسياج حديدي تمتد بداخلها شجرة كبيرة عملاقة عتيقة يقال إنها موجودة منذ دفن أبي أيوب الأنصاري، وإنها كانت تُظلّ قبره، وعلى كل زاوية من السياج سبيل يشرب منه الزائرون، الذين يعتقدون أن هذه المياه الطبيعية مياه مباركة، تحقق لشاربها ما يتمنى بفضل من الله.

مقابر السلاطين المجاورة لضريح أبي أيوب الأنصاري 

بجوار المسجد تنتشر قبور عدد من سلاطين الدولة العثمانية، وبعض كبار رجال الدولة ونسائهم، الذين حرصوا على إقامة مقابر لهم بجوار ضريح أبي أيوب الأنصاري، تبركًا بصاحبه.

ويرى كثير من الأتراك أن مسجد أبي أيوب الأنصاري هو رابع الأماكن المقدسة لدى المسلمين بعد مكة المكرمة والمدينة المنورة والقدس الشريف، لذا تجده في شهر رمضان الكريم من كل عام يعجُّ بالمصلين والزائرين الذين يقفون في طوابير طويلة لزيارة الضريح، والصلاة داخل المسجد، حيث تكثر الأدعية وتعلو الأصوات بتلاوة آيات القرآن، والصلاة على الرسول الكريم، والتضرع إلى الله سبحانه وتعالى طلبًا للعفو والمغفرة.

معرض الصور 

ضريح أبي أيوب الأنصاري في إسطنبول ومكانته الدينية والاجتماعية

ضريح أبي أيوب الأنصاري في إسطنبول ومكانته الدينية والاجتماعية

ضريح أبي أيوب الأنصاري في إسطنبول ومكانته الدينية والاجتماعية

ضريح أبي أيوب الأنصاري في إسطنبول ومكانته الدينية والاجتماعية

ضريح أبي أيوب الأنصاري في إسطنبول ومكانته الدينية والاجتماعية

ضريح أبي أيوب الأنصاري في إسطنبول ومكانته الدينية والاجتماعية

ضريح أبي أيوب الأنصاري في إسطنبول ومكانته الدينية والاجتماعية

ضريح أبي أيوب الأنصاري في إسطنبول ومكانته الدينية والاجتماعية

ضريح أبي أيوب الأنصاري في إسطنبول ومكانته الدينية والاجتماعية

ضريح أبي أيوب الأنصاري في إسطنبول ومكانته الدينية والاجتماعية

ضريح أبي أيوب الأنصاري في إسطنبول ومكانته الدينية والاجتماعية

ضريح أبي أيوب الأنصاري في إسطنبول ومكانته الدينية والاجتماعية


google-playkhamsatmostaqltradent